خُلق التواضع

التواضع لغة يعني التذلل، وفي الأخلاق يعني اللين والابتعاد عن الاغترار، وفي الدين الإسلامي التواضع خلقٌ محمود اتصف به الأنبياء والصالحون لما له من أثر طيب في قلوب الناس، فهو صفة إنسانية طيبة تجعل القلب نقيًا من آفة التكبر، وجعل الإنسان منفتحًا على الناس يتواصل معهم ويشاركهم في مناسباتهم، فكان الله -عز وجل- مانحًا لأنبيائه هذه الصفة الطيبة، وذلك لتكون دعوتهم أكثر قبولًا وليجدوا من الناس من يستمع إليهم، فلو كانوا على عكس هذه الصفة لما وجدوا من يستمع إليهم، إذ إن البشر بطبعهم لا يميلون للتعامل مع إنسان متكبر يراهم أقل منه ولا يشاركهم في أمورهم أو يصغي لهم، فلذلك قال الله تعالى مخاطبًا سيدنا محمد: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}،[١]. لم يرد ذكر كلمة التواضع بلفظها وإنما وردت كلمات تدل عليها في معناها، إذ قال الله تعالى:{وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}،[٢]، فالهون يعني السكينة والوقار، فيكون المشي على الأرض فيه الحلم والتواضع دون أي تجبر أو استكبار مصداقًا لقوله تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا[٣]، ففي تفسير القرطبي في الآية نهي عن الخيلاء والأمر بالتواضع، فالتواضع من أخلاق الأنبياء والرسل، فقد كان قدوتنا الرسول صلى الله عليه وسلم متواضعًا في بيته ومع زوجاته، فيدخل السرور إليهم، إذ روت السيدة عائشة عن الرسول: [قيل لها: ماذا كان يعملُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في بَيتِه ؟ قالتْ : كان ، بَشَرًا مِنَ البَشَرِ يُفَلِّي ثَوْبَهُ ، ويَحْلِبُ شَاتَهُ ، ويَخْدِمُ نفسَهُ][٤]، وقد دعا إلى التواضع وحث عليه في قوله: [إنَّ اللهَ أوحى إلَيَّ أنْ تواضَعوا حتَّى لا يَبغِيَ أحَدٌ على أحَدٍ، ولا يفخَرَ أحَدٌ على أحَدٍ][٥].“خلق التواضع في الإسلام “، islamway، 30-9-2015، اطّلع عليه بتاريخ 22-11-2019. بتصرّف.</ref>.